أسباب ارتفاع أسعار الذهب عالميا
يتابع المستثمرون في جميع أنحاء العالم بشغف وترقب الأنباء الواردة بشأن ارتفاع أسعار الذهب في الفترة الأخيرة حيث ارتفع سعر الذهب إلى 525.5 دولاراً للأوقية لأول مرة منذ نحو ربع قرن الأمر الذي دعا الكثير من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال إلى محاولة البحث للتعرف على أسباب هذا الارتفاع في محاولة للإجابة على استفسارات الكثيرين، ولعل ما يثير الانتباه في هذا الموضوع هو الاهتمام الشديد بالذهب في معظم الأوساط العالمية وهو ما لم يكن مفاجئاً بالطبع حيث يحظى الذهب بشهرة اقتصادية عالمية نظراً لكونه أحد أشهر المعادن النفيسة على مر العصور والذي يتطلع الجميع على اختلاف ميولهم وانتماءاتهم على اقتنائه كما يتميز الذهب بكثرة استخدامه في المجالات الاقتصادية والصناعية والطبية بالإضافة إلى قيمته الاقتصادية العالية واستخدامه كملاذ آمن في أوقات الأزمات والحروب واستخدامه كوسيط للتبادل ومخزن للقيمة هذا بجانب استخدامه في أغراض الزية والحلي الأمر الذي يشدد على أهمية كونه سلعة استراتيجية هامة اكتسبت أهميتها من واقع استخدامها في الأنظمة النقدية القديمة والحديثة.
ولعل من الثابت خاصة من الناحية الاقتصادية وجود عوامل متعددة تؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب وهي عوامل تحددها في المقام الأول قوى العرض والطلب حيث يلاحظ أن زيادة الطلب يصاحبها دائماً زيادة في الأسعار خاصة إذا كان هناك نقص في المعروض.
ولعل من أهم العوامل المحددة لارتفاع الأسعار مايلي:
1 - نقص الإنتاج وقلة المعروض
ويعد هذا السبب سبباً رئيسًا في حدوث ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية وذلك بسبب توقف بعض الدول المنتجة عن طرح إنتاجها في الأسواق مما يؤدي إلى نقص الكمية المعروضة في الأسواق فنجد ارتفاع عام في الأسعار.
2 - حدوث أزمات واضطرابات دولية تؤثر في أداء الاقتصاد العالمي الأمر الذي يؤدي إلى تخوف المستثمرين في الاستثمار في المجالات المختلف وهنا يتم اللجوء إلى الاحتفاظ بالذهب بدلاً من النقود.
3 - حدوث انخفاض في أسعار الفائدة على النقود مما يؤدي إلى تحويل المدخرات النقدية إلى ذهب وبالتالي يزداد الطلب عليه فترتفع الأسعار.
4 - حدوث انتعاش ورواج اقتصادي والذي يصاحبها زيادة في مستوى دخول الأفراد مما يعني زيادة ا لإنفاق مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الطلب خاصة على الذهب كنوع من التنويع الاستثماري.
5 - لجوء الدول المتقدمة إلى زيادة قيمة الاحتياطيات الذهبية في مصارفها المركزية مما يؤدي إلى نقص المعروض من الذهب وبالتالي يحدث ارتفاع في الأسعار.
وفي الفترة الأخيرة لاحظ المتخصصون والخبراء وجود أسباب أخرى غير الأسباب الاقتصادية المتعارف عليها أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة قياسية لعل من أهم تلك الأسباب مايلي:
1 - ارتفاع الطلب العالمي على الذهب خلال الربع الثالث من هذا العام بنسبة 7% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
2 - انخفاض إنتاج الذهب في جنوب إفريقيا التي تعد أكبر دولة منتجة للذهب في العالم وذلك بنسبة 15.4% خلال الربع الثالث وهذا يرجع بسبب إغلاق كثير من المناجم من أجل إعادة هيكلتها ليستمر بذلك انخفاض الإنتاج الذي تشهده جنوب إفريقيا منذ فترة طويلة والذي أدى إلى تراجع الإنتاج بما يزيد عن الثلث حيث أدى الانهيار الكبير الذي أصاب المناجم في إندونيسيا نهاية عام 2003 وسوء الأحوال الجوية في أمريكا واستراليا وهما من أكبر الدول المنتجة للذهب مما أدى إلى وضع جنوب إفريقيا تحت ضغط إنتاجي كبير.
3 - تنامي طلب صناديق الاستثمار على شراء الذهب والذي بلغ نحو 87 طن خلال النصف الأول من 2005م.
4 - إقبال المستثمرين في منطقة آسيا على شراء الذهب وبصفة خاصة في اليابان وذلك بعد أن حقق الذهب مكاسب بلغت 15% في الشهر الأخير فقط مع الاتجاه إلى ترك الاستثمار في الأسهم والسندات لصالح الذهب.
5 - رغبة دول مثل روسيا والأرجنتين وجنوب إفريقيا في زيادة ما بحوزتها من الذهب وذلك بالرغم من إعلان البنوك المركزية الأوروبية لبيعها أكثر من 100 طن من احتياطيات الذهب الموجود لديها.
6 - استمرار الانخفاض في سعر صرف الدولار في مواجهة لعملات الأخرى حيث يُعد ضعف قيمة الدولار سبباً رئيساً في ارتفاع أسعار الذهب هذا بالإضافة إلى أن ضعف الدولار يجعل الذهب الذي يحدد سعره بالعملة الأمريكية في الأسواق العالمية أكثر جاذبية للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى غير الدولار مما يجعل الذهب ملاذاً آمناً ضد تقلبات سعر الدولار حيث زاد نسبة 72% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي
بالإضافة إلى هذا فقد زاد الطلب في كل من تركيا بنسبة 28% وفي الصين بنسبة 13% وفي الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 3%.
7 - المضاربة: حيث ساهمت المضاربات العالمية في بورصة الذهب إلى ارتفاع أسعاره لأن الصناديق الإدخارية العالمية أصبحت تضم الذهب داخل محفظتها الاستثمارية والتالي يتم شراء كميات كبيرة من الذهب عند إنشاء تلك الصناديق الأمر الذي ساهم في ارتفاع الأسعار الأخيرة.
8 - الأزمات والاضطرابات السياسية العالمية كان لها دور رئيس في ارتفاع أسعار الذهب مثل الموقف الدولي من أزمة المفاعل النووي الإيراني والأعاصير التي ضربت خليج المكسيك والعجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي.
من جهة أخرى يلاحظ أن سبب الإقبال الشديد على الذهب في الوقت الحاضر أنه يعد من أكبر الأوعية الادخارية التي تتميز بالأمان مقارنة بالاستثمار في الأسهم والسندات حيث يلاحظ أن عائد الاستثمار في الأسهم والسندات كبير ولكن على المدى القصير أما بالنسبة للذهب فإن عائد الاستثمار فيه متزايد إلى حد ما بالإضافة إلى تمتعها بقدر من الطمأنينة بالمقارنة مع مجالات الاستثمار الأخرى.